رواية لا شئ
مناقشة الفصل الأول فى ظل الرواية العالمية :
حين ننظر ايزاء الرواية العالمية فى الفترة الحالية نجدها آثرت طريق الواقعية و الصوفية و هذا المعنى الإنسانى الذى يعد جديدا على الرواية الغربية مستوحى من التراث العربى الصوفى بالتحديد و لا يخلو ذلك من الترميز لبعض الأحداث المعاصرة دون التصريح بها و ربما صرح بها و لكن بشكل خفى هذا الإتجاه لقى صدا واسع لدى القارئ الغربى و اتخذه كتاب كثر على رأسهم الكاتب الأشهر باولو كويلو حيث صرح بذلك أكثر من مرة فى لقائاته المسجلة و كذلك الأدب العربى يتأثر بتلك الروح و لكن ليس بالحد الذى تأثر به الأوربى أو العالمى و لا أعرف السبب الحقيقى وراء ذلك .. ربما لسوء فهم معنى الصوفية الحقيقى و معاملتها بإعتبارها معتنق دينى لا نزعة انسانية عامة بغض النظر عن مسألة التدين فيها .. لذا على القارئ العربى أن يحاول فهم مقصد الرواية الحديثة من هذا المنطلق .. فالرواية هى أفضل فنون التعلم و الإمتاع الثقافى و الرواية بلا روح كالجثة الهامدة لا معنا لها سوى تحت التراب ...
و الآن إليكم بعض المقتطفات من الفصل الأول لرواية لاشئ
دعنا
نتفق على شئ من البداية هل تعتقد أن الرزق مثلًا ينفصل عن القدر.. قد نتفق أو نختلف
فى ذلك بشكل فلسفى و لكن فى نهاية الأمر العملة واحدة فقط بثلاثة أوجه لا أكثر ..
الرزق فى أى مكان فى العالم له منطق واحد.. هو شئ ثلاثى الأبعاد لا تنفصل تلك الأبعاد
عن بعضها و ليس لك أن تتحكم فيها جميعًا بمعنى أنه لا بد من ثبوت أحدها و خروجها
عن طور التحكم الإنسانى .. سأوضح لك الأمر.. لنأخذ مثال واضح.. إن كنت تبحث عن
وظيفة مثلًا كما يفعل أى مصرى من مولده حتى مماته فالعناصر الثلاثة التى تبحث عنها
فى تلك الوظيفة المرجوة هى الزمان و المكان و المجال.. بالطبع تلك الأبعاد هى ما
تبحث عنها.. عدد ساعات العمل و مكان العمل و المجال الذى تتقنه و تستطيع أن تنتج
فيه..
لم
لا نحسب الأمر بالنسبة للعاطل الذى تعذر عليه أن يجد عملًا.. أو فتاة تعذر زواجها..
بالنسبة للعاطل فالزمان فى حالته لا يستطيع أن يغير فيه.. فهو يبحث عن العمل و تمر
الأيام شاء أم أبى فالزمن يمر لا يستطيع أن يوقفه أو يؤخره.. فعندنا مثلًا يمكن
للشاب أن يبحث عن عمل طيلة خمس سنوات دون فائدة.. للمكان عبقرية أخرى فإن لم تجد
فى مكان ما تبحث عن آخر.. طبقًا لقانون أن الأرض واسعة و من حقك الشرعى أن تهاجر
فيها.. و ماذا إن ضاقت عليك تلك الأرض.. فسافر تجد عوضًا عمن تفارقهم.. لذلك نجد أن
هذا المنطق هو الغالب عندنا.. و إن لم تستطع فعليك أن تغير المجال و من هنا نجد
سائق تاكسى حاصلًا على بكاليريوس زراعة .. أو عامل نظافة حاصل على بكاليريوس تجارة..
و مهندس ميكانيكا يعمل بالمقاولات.. ربما يعتبر الأمر قدرًا.. ربما يستسلم لقدره أو
لا يستسلم فالأمر سواء.. نحن نثبت بجدارة أن الإنسان مسير لا بقدره و لكن بحال
بلاده.. ولا أظن الأمر يختلف كثيرًا بالنسبة للفتاة التى تعذر زواجها.. هى كذلك الأيام
تمر عليها لتستسلم فى نهاية الأمر إما لحالها و وحدتها أو تتنازل فتصبح سلعة رخيصة
فى أعين الناس و هذا هو الانتحار الذى تستسلم إليه حتى تهرب من لقب عانس و حتى إن كان
ذلك الهروب إلى لقب أكثر قبحًا " مطلقة " ...
و
لا تنسى ذلك الأخير ( الموت ) الذى لا ينتظر حتى أنه قد يباغتك و هذا هو القدر
بعينه بكل أبعاده التى ليس بمقدورك التحكم بأى منها فقط يمكنك أن تموت على مبدأ أو
كالبهائم .. و هذا قدرك الذى فى وسعك اختياره ...
عزيزى القارئ لا تبخل علينا برأيك .. و شكرا لك



