الاثنين، 1 فبراير 2016

رواية لا شئ


مناقشة الفصل الأول فى ظل الرواية العالمية :

حين ننظر ايزاء الرواية العالمية فى الفترة الحالية نجدها آثرت طريق الواقعية و الصوفية و هذا المعنى الإنسانى الذى يعد جديدا على الرواية الغربية مستوحى من التراث العربى الصوفى بالتحديد و لا يخلو ذلك من الترميز لبعض الأحداث المعاصرة دون التصريح بها و ربما صرح بها و لكن بشكل خفى هذا الإتجاه لقى صدا واسع لدى القارئ الغربى و اتخذه كتاب كثر على رأسهم الكاتب الأشهر باولو كويلو حيث صرح بذلك أكثر من مرة فى لقائاته المسجلة و كذلك الأدب العربى يتأثر بتلك الروح و لكن ليس بالحد الذى تأثر به الأوربى أو العالمى و لا أعرف السبب الحقيقى وراء ذلك .. ربما لسوء فهم معنى الصوفية الحقيقى و معاملتها بإعتبارها معتنق دينى لا نزعة انسانية عامة بغض النظر عن مسألة التدين فيها .. لذا على القارئ العربى أن يحاول فهم مقصد الرواية الحديثة من هذا المنطلق .. فالرواية هى أفضل فنون التعلم و الإمتاع الثقافى و الرواية بلا روح كالجثة الهامدة لا معنا لها سوى تحت التراب ...



و الآن إليكم بعض المقتطفات من الفصل الأول لرواية لاشئ 

دعنا نتفق على شئ من البداية هل تعتقد أن الرزق مثلًا ينفصل عن القدر.. قد نتفق أو نختلف فى ذلك بشكل فلسفى و لكن فى نهاية الأمر العملة واحدة فقط بثلاثة أوجه لا أكثر .. الرزق فى أى مكان فى العالم له منطق واحد.. هو شئ ثلاثى الأبعاد لا تنفصل تلك الأبعاد عن بعضها و ليس لك أن تتحكم فيها جميعًا بمعنى أنه لا بد من ثبوت أحدها و خروجها عن طور التحكم الإنسانى .. سأوضح لك الأمر.. لنأخذ مثال واضح.. إن كنت تبحث عن وظيفة مثلًا كما يفعل أى مصرى من مولده حتى مماته فالعناصر الثلاثة التى تبحث عنها فى تلك الوظيفة المرجوة هى الزمان و المكان و المجال.. بالطبع تلك الأبعاد هى ما تبحث عنها.. عدد ساعات العمل و مكان العمل و المجال الذى تتقنه و تستطيع أن تنتج فيه..
لم لا نحسب الأمر بالنسبة للعاطل الذى تعذر عليه أن يجد عملًا.. أو فتاة تعذر زواجها.. بالنسبة للعاطل فالزمان فى حالته لا يستطيع أن يغير فيه.. فهو يبحث عن العمل و تمر الأيام شاء أم أبى فالزمن يمر لا يستطيع أن يوقفه أو يؤخره.. فعندنا مثلًا يمكن للشاب أن يبحث عن عمل طيلة خمس سنوات دون فائدة.. للمكان عبقرية أخرى فإن لم تجد فى مكان ما تبحث عن آخر.. طبقًا لقانون أن الأرض واسعة و من حقك الشرعى أن تهاجر فيها.. و ماذا إن ضاقت عليك تلك الأرض.. فسافر تجد عوضًا عمن تفارقهم.. لذلك نجد أن هذا المنطق هو الغالب عندنا.. و إن لم تستطع فعليك أن تغير المجال و من هنا نجد سائق تاكسى حاصلًا على بكاليريوس زراعة .. أو عامل نظافة حاصل على بكاليريوس تجارة.. و مهندس ميكانيكا يعمل بالمقاولات.. ربما يعتبر الأمر قدرًا.. ربما يستسلم لقدره أو لا يستسلم فالأمر سواء.. نحن نثبت بجدارة أن الإنسان مسير لا بقدره و لكن بحال بلاده.. ولا أظن الأمر يختلف كثيرًا بالنسبة للفتاة التى تعذر زواجها.. هى كذلك الأيام تمر عليها لتستسلم فى نهاية الأمر إما لحالها و وحدتها أو تتنازل فتصبح سلعة رخيصة فى أعين الناس و هذا هو الانتحار الذى تستسلم إليه حتى تهرب من لقب عانس و حتى إن كان ذلك الهروب إلى لقب أكثر قبحًا " مطلقة " ...
و لا تنسى ذلك الأخير ( الموت ) الذى لا ينتظر حتى أنه قد يباغتك و هذا هو القدر بعينه بكل أبعاده التى ليس بمقدورك التحكم بأى منها فقط يمكنك أن تموت على مبدأ أو كالبهائم .. و هذا قدرك الذى فى وسعك اختياره ...

عزيزى القارئ لا تبخل علينا برأيك .. و شكرا لك 


الثلاثاء، 19 يناير 2016

رواية لا شئ ..


صدرت رواية جديدة للكاتب أحمد زكريا الأمير عن دار ليلى لهذا العام ٢٠١٦  و ستشارك بإذن الله فى معرض الكتاب بالقاهرة .. رواية كتبت بالنسق التتابعى و هو نسق يعد جديدا بعض الشئ على الرواية العربية حيث تولد ذلك النسق فى الروايات العالمية نظرا لضيق الوقت لدى القارئ خاصة مبتدئ القراءة الروائية و من هنا بدأ هذا النسق بالتطور الى أن وصل الى نسق خاص بالرواية الحديثة و أطلق عليه النسق التتابعى أو المتسلسل .. حيث تروى أحداث الرواية بطريقة المشاهد المتتابعة و المكملة لبعضها مما يجذب انتباه القارئ لفحوى الرواية و أيضا تبنى بشكل كامل على الترميز سواء كان انسانى او بشرى أو ترميز حدثى ...

انتهى الكاتب من الرواية بصورتها النهائية فى العام ٢٠١٣ و بالرغم من أنها روايته الثالثة إلا أنها لاقت رفضا بالنشر من عدة جهات و ذلك لأسباب غير معلومة و لم يسمح بنشرها غير هذا العام .. 

تبدأ أحداث الرواية فى فترات مختلفة و متباعدة و تنتهى بثورة يناير و ما بين البداية و النهاية تتابع حدثى يرمز بشكل واقعى الى أسباب حياتية أدت الى النهاية أثناء الحدث الثورى أو الحركة الشعبية .. لا يمكن أن تصنف الرواية بالسياسية بقدر ما تصنف بالإنسانية فإختيار الكاتب للأحداث تناغميا و تسليط الضوء ما يدور فى خلجات النفس البشرية فى بعض الأحيان يجعل من الرواية معزوفة موسيقية على الوتر الإنسانى ...

و إليكم مقتطفات من الرواية 


نظره بعيدًا مد البصر إلى البحر يكسبه بهجة من نوع فريد يخفق لها القلب دون أن يدرى و كأنه جعل من خفقانه أمواجًا كتلك التى تتخابط فى البحر فى يوم شتاء.. لا يفهم هذا النوع من الشجون غير النورس فيحلق فى دروب تلك اللوحة منبئًا بصوت بعيد عن وجوده على استحياء..

انتهى الأمر.. انتهى كل ما أمله يومًا إلى لاشئ.. و الآن يجب عليه أن يرحل طفلًا صغيرًا.. ينزل من كرسيه المتحرك مترجلًا ممسكًا بيد سهام كما كان يفعل دومًا يمشى نحو باب الغرفة التى ترقد فيها جثته البالية.. ها قد أتى ميعاد الارتحال و آن له أن يبعد عن كل ما كان من لغط الحياة...

و لا تنسى ذلك الأخير ( الموت ) الذى لا ينتظر حتى أنه قد يباغتك و هذا هو القدر بعينه بكل أبعاده التى ليس بمقدورك التحكم بأى منها فقط يمكنك أن تموت على مبدأ أو كالبهائم .. و هذا قدرك الذى فى وسعك اختياره ...

كانت تشاهده حينما سقط على التلفاز.. صورته كانت واضحة.. تشعر أنه هو.. أخبار الثورة جعلت السفر مستحيلًا ما بين أمريكا و مصر.. الآن صار أيضًا لقاؤهما مستحيلًا آخر.. كان الرصاص أسرع إليه منها.. أحيانًا كثيرة لا تجرى الحياة كما نريد.. 


أرجو أن تنال الرواية رضاكم و يسعدنى مشاركتكم بالرأى ...

الثلاثاء، 2 يونيو 2015

ايفا

هى الرواية الأولى التى صدرت عن دار المعارف للنشر و التوزيع و شاركت فى سلسلة من الاصدارات الجديدة لدار النشر تحمل اسم ابداعات جديدة .. و هى رواية تحكى قصة عالمة مصرية توصلت لاختراع يخلص البشرية من مرض قاتل و لكن المافيا الروسية حالت بينها و بين نشر اكتشافها حيث تواجه تلك الصراعات اينما ذهبت و فى الايطار الروائى يقدم الكاتب بأسلوب مستحدث فى الكتابة الروائية و هو الاسلوب المتوازى و هو من الأساليب البديعة و يعد الأصعب على الاطلاق من حيث الكتابة و السرد 



كما شاركت الرواية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب لعام 2015 و شاركت ايضا فى عدة معارض عربية من خلال دار النشر المصرية كما ان الرواية فى ايطار تحويلها الى مسلسل تلفيزونى ....

و اليكم بعض من الرواية على وعد بنشرها على هيئة حلقات خلال شهر رمضان 

-        قل له ايڤا
-       و هل يعرف سيادة المدير ايڤا .. هل انت بتلك الشهرة يا صغيرتى ؟
-       جرب و أخبره بالامر

كانت تكلم الحارس الذى حضر جديدا .. يبدو على لهجته انه من الصعيد .. يقف

 على البوابة و لا يعرف ان تلك الفتاة صاحبة الضفيرة و ملابس المدرسة الكحلية و 

حقيبة المدرسة الجلدية السوداء .. هى ابنة السيد عبد الحميد مدير الشئون الادارية 

فى مدرية الامن .. لو عرف الامر لأدى اليها التحية كما يفعل لمدير الامن نفسه ..

*****************

ليس من السهل على ان انسى ذلك المشهد او يمحى من الذاكرة بأى حال من الاحوال .. يوم كنت واقفا فى الظلام امام المقابر التى توسطت الاراضى الزراعية من حولها و سادتها ظلمة الليل حتى صارت من امامى كبحر من الظلام سكنت امواجه و لم يبقى فيه غير الوحشة
تقف سيارة الاسعاف التى تحمل الجثة .. أنوار اشارتها الاحمر و الازرق يكشف فى وسط الظلمة لمعان اعين لحيوانات تقف بعيدا فى بحر الظلمة ذاك .. صمت عارم فى المكان سكون تام لا يكسرة غير صفير الحشرات و بكاء امرأة فى الستين من عمرها قد حط الشيب على رأسها .. توج بعض من الشعرات الظاهرة من تحت الطرحة السوداء .. و وجه مصفر و عينان منتفخة من البكاء ..
كنت لا زلت طفلا فى الخامسة من العمر لا ادرك مما هو حولى الكثير .. غير هالة الحزن التى احاطت بذلك المشهد .. و بعض اصوات القرائين ممن وقفوا حول المقبرة و احاطوا بها و حالوا بينى و بين ما كنت اطوق الى رئياه .. المقبرة من الداخل .. لا اعرف ما هو الموت ؟ .. سألت ابى كثيرا عنه و لكن دوما ما كان يجيب بطريقة مفادها دوما .. ليس المسؤول بأعلم من السائل .. فى الحقيقة لم ترضى طموحى اجاباته .. او تطفئ تلك الحيرة يوما .. اكتب ذلك بعد عشرات من السنوات بعد ذلك الموقف .. كل ما اتذكره يومها لا يتعدى ذلك الامر ...
المتوفى كان جدى .. يومها لم ابكى فى حقيقة الامر .. لم اكن ادرك ما معنى انه قد مات .. فمنذ ساعات كان يلعب معى و هو جالس على سريره كعادته .. و الآن هو فى تلك السيارة قد غطى بالقماش الابيض .. عندما سألت أمى قالت ان هذا القبر بيت جدى الجديد الذى سيسكنه .. و لم لا يظل فى بيته القديم مع جدتى ؟ .. ظننت حينها انهما تشاجرا مثلا فقرر ان ينصرف عنها ..
تلك الالغاز تجوب رأسى كلما فكرت فى الامر .. و ينتهى الامر الى لاشئ .. ربما تفضى الى بعض التساؤلات .. بعضها يلاقى الاجابة و بعضها يلاقى صمتا و بعضها يلاقى الغضب .. و لكن فى نهاية الامر يظل الامر لغزا ...


احمد زكريا الأمير